سورة بل عجبت ويسخرون - عدد الآيات 182 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .
تفسير و معنى الآية 12 من سورة الصافات عدة تفاسير - سورة الصافات : عدد الآيات 182 - - الصفحة 446 - الجزء 23.
﴿ بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ ﴾ [ الصافات: 12]
﴿ التفسير الميسر ﴾
بل عجبتَ -أيها الرسول- من تكذيبهم وإنكارهم البعث، وأعجب من إنكارهم وأبلغ أنهم يستهزئون بك، ويسخرون من قولك.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«بل» للانتقال من غرض إلى آخر وهو الإخبار بحاله وحالهم «عجبتَ» بفتح التاء خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم، أي من تكذيبهم إياك «و» هم «يسخرون» من تعجبك.
﴿ تفسير السعدي ﴾
بَلْ عَجِبْتَ يا أيها الرسول وأيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما لا يقبل الإنكار، و أعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم يَسْخَرُونَ ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحق.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( بل عجبت ) قرأ حمزة ، والكسائي : بضم التاء ، وهي قراءة ابن مسعود ، وابن عباس . والعجب من الله - عز وجل - ليس كالتعجب من الآدميين ، كما قال : " فيسخرون منهم سخر الله منهم " ( التوبة - 79 ) ، وقال عز وجل : " نسوا الله فنسيهم " ( التوبة - 67 ) ، فالعجب من الآدميين : إنكاره وتعظيمه ، والعجب من الله - تعالى - قد يكون بمعنى الإنكار والذم ، وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضا كما جاء في الحديث : " عجب ربكم من شاب ليست له صبوة " .وجاء في الحديث : " عجب ربكم من سؤالكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم "وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال : إن الله لا يعجب من شيء ، ولكن الله وافق رسوله لما عجب رسوله فقال : " وإن تعجب فعجب قولهم " ( الرعد - 5 ) أي : هو كما تقوله .وقرأ الآخرون بفتح التاء على خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي : عجبت من تكذيبهم إياك ، ) ( ويسخرون ) من تعجبك .قال قتادة : عجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا القرآن حين أنزل وضلال بني آدم ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يظن أن كل من يسمع القرآن يؤمن به ، فلما سمع المشركون القرآن سخروا منه ولم يؤمنوا به ، فعجب من ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال الله تعالى : " بل عجبت ويسخرون " .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- أن حال هؤلاء المشركين تدعو إلى العجب فقال: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ.قال الجمل: وقوله: بَلْ عَجِبْتَ إضراب إما عن مقدر دل عليه قوله:فَاسْتَفْتِهِمْ أى: هم لا يقرون بل عجبت، وإما عن الأمر بالاستفتاء، أى:لا تستفتهم فإنهم معاندون، بل انظر إلى تفاوت حالك وحالهم .أى: بل عجبت- أيها الرسول الكريم- ومن حقك أن تعجب، من إنكار هؤلاء الجاحدين لإمكانية البعث، مع هذه الأدلة الساطعة التي سقناها لهم على أن البعث حق.وجملة «يسخرون» حالية. أى: والحال أنهم يسخرون من تعجبك ومن إنكارك عليهم ذلك، ومن إيمانك العميق بهذه الحقيقة، حتى إنك لترددها على مسامعهم صباح مساء.قال الآلوسى: وقرأ حمزة والكسائي: بَلْ عَجِبْتَ- بضم التاء-.. وأولت هذه القراءة بأن ذلك من باب الفرض، أى: لو كان العجب مما يجوز علىّ لعجبت من هذه الحال.ثم قال: والذي يقتضيه كلام السلف أن العجب فينا انفعال يحصل للنفس عند الجهل للسبب، ولذا قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب، وهو في الله- تعالى- بمعنى يليق لذاته- تعالى- وهو- سبحانه- أعلم به، فلا يعينون معناه .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( بل عجبت ويسخرون ) أي : بل عجبت - يا محمد - من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث ، وأنت موقن مصدق بما أخبر الله به من الأمر العجيب ، وهو إعادة الأجسام بعد فنائها . وهم بخلاف أمرك ، من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك .قال قتادة : عجب محمد - صلى الله عليه وسلم - وسخر ضلال بني آدم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : " بل عجبت " قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم بفتح التاء خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي : بل عجبت مما نزل عليك من القرآن وهم يسخرون به . وهي قراءة شريح وأنكر قراءة الضم وقال : إن الله لا يعجب من شيء ، وإنما يعجب من لا يعلم . وقيل : المعنى بل عجبت من إنكارهم للبعث . وقرأ الكوفيون إلا عاصما بضم التاء . واختارها أبو عبيد والفراء ، وهي مروية عن علي وابن مسعود ، رواه شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ : " بل عجبت " بضم التاء . ويروى عن ابن عباس . قال الفراء في قوله - سبحانه - : بل عجبت ويسخرون قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ، والرفع أحب إلي ; لأنها عن علي وعبد الله وابن عباس . وقال أبو زكريا الفراء : العجب إن أسند إلى الله - عز وجل - فليس معناه من الله كمعناه من العباد ، وكذلك قوله : الله يستهزئ بهم ليس ذلك من الله كمعناه من العباد . وفي هذا بيان الكسر لقول شريح حيث أنكر القراءة بها . روى جرير والأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : قرأها عبد الله ، يعني : ابن مسعود بل عجبت ويسخرون قال شريح : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا يعلم . قال الأعمش : فذكرته لإبراهيم فقال : إن شريحا كان يعجبه رأيه ، إن عبد الله كان أعلم من شريح وكان يقرؤها عبد الله " بل عجبت " . قال الهروي : وقال بعض الأئمة : معنى قوله : " بل عجبت " بل جازيتهم على عجبهم ; لأن الله تعالى أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق ، فقال : وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال : إن هذا لشيء عجاب ، أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم فقال تعالى : " بل عجبت " بل جازيتهم على التعجب .قلت : وهذا تمام معنى قول الفراء واختاره البيهقي . وقال علي بن سليمان : معنى القراءتين واحد ، التقدير : قيل يا محمد بل عجبت ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخاطب بالقرآن . النحاس : وهذا قول حسن ، وإضمار القول كثير . البيهقي : والأول أصح . المهدوي : ويجوز أن يكون إخبار الله عن نفسه بالعجب محمولا على أنه أظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين ، كما يحمل إخباره تعالى عن نفسه بالضحك لمن يرضى عنه - على ما جاء في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه أظهر له من رضاه عنه ما يقوم له مقام الضحك من المخلوقين مجازا واتساعا . قال الهروي : ويقال معنى ( عجب ربكم ) أي : رضي وأثاب ، فسماه عجبا وليس بعجب في الحقيقة ، كما قال تعالى : " ويمكر الله " معناه ويجازيهم الله على مكرهم ، ومثله في الحديث عجب ربكم من إلكم وقنوطكم . وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما . فيكون معنى قوله : " بل عجبت " أي : بل عظم فعلهم عندي . قال البيهقي : ويشبه أن يكون هذا معنى حديث عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : عجب ربك من شاب ليست له صبوة وكذلك ما خرجه البخاري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل قال البيهقي : وقد يكون هذا الحديث وما ورد من أمثاله أنه يعجب ملائكته من كرمه ورأفته بعباده ، حين حملهم على الإيمان به بالقتال والأسر في السلاسل ، حتى إذا آمنوا أدخلهم الجنة . وقيل : معنى " بل عجبت " بل أنكرت . حكاه النقاش . وقال الحسين بن الفضل : التعجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه ، وهو لغة العرب . وقد جاء في الخبر عجب ربكم من إلكم وقنوطكم . ويسخرون قيل : الواو واو الحال ، أي : عجبت منهم في حال سخريتهم . وقيل : تم الكلام عند قوله : بل عجبت ثم استأنف فقال : ويسخرون أي : مما جئت به إذا تلوته عليهم . وقيل : يسخرون منك إذا دعوتهم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
قوله ( بل عجبت ويسخرون ) اختلفت القراء فى قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الكوفة : ( بل عجبت ويسخرون ) بضم التاء من عجبت ، بمعنى : بل عظم [ ص: 23 ] عندي وكبر اتخاذهم لي شريكا ، وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون . وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة ( بل عجبت ) بفتح التاء بمعنى : بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن .والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .فإن قال قائل : وكيف يكون مصيبا القارئ بهما مع اختلاف معنييهما ؟ قيل : إنهما وإن اختلف معنياهما فكل واحد من معنييه صحيح ، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل ، وسخر منه أهل الشرك بالله ، وقد عجب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله ، وسخر المشركون بما قالوه .فإن قال : أكان التنزيل بإحداهما أو بكلتيهما ؟ قيل : التنزيل بكلتيهما . فإن قال : وكيف يكون تنزيل حرف مرتين ؟ قيل : إنه لم ينزل مرتين ، إنما أنزل مرة ، ولكنه أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ بالقراءتين كلتيهما ، ولهذا موضع سنستقصي إن شاء الله فيه البيان عنه بما فيه الكفاية .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .ذكر من قال ذلك :حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( بل عجبت ويسخرون ) قال : عجب محمد عليه الصلاة والسلام من هذا القرآن حين أعطيه ، وسخر منه أهل الضلالة .