قال الله تعالى لعيسى عليه السلام يوم القيامة: هذا يوم الجزاء الذي ينفع الموحدين توحيدهم ربهم، وانقيادهم لشرعه، وصدقهم في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم، لهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار، ماكثين فيها أبدًا، رضي الله عنهم فقبل حسناتهم، ورضوا عنه بما أعطاهم من جزيل ثوابه. ذلك الجزاء والرضا منه عليهم هو الفوز العظيم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال الله هذا» أي يوم القيامة «يوم ينفع الصادقين» في الدنيا كعيسى «صدقهم» لأنه يوم الجزاء «لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم» بطاعته «ورضوا عنه» بثوابه «ذلك الفوز العظيم» ولا ينفع الكاذبين في الدنيا صدقهم فيه كالكفار لما يؤمنون عند رؤية العذاب.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قَالَ اللَّهُ مبينا لحال عباده يوم القيامة، ومَن الفائز منهم ومَن الهالك، ومَن الشقي ومَن السعيد، هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ والصادقون هم الذين استقامت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم على الصراط المستقيم والهدْي القويم، فيوم القيامة يجدون ثمرة ذلك الصدق، إذا أحلهم الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ولهذا قال: لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ والكاذبون بضدهم، سيجدون ضرر كذبهم وافترائهم، وثمرة أعمالهم الفاسدة.
﴿ تفسير البغوي ﴾
(قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ) قرأ نافع ( يوم ) بنصب الميم ، يعني : تكون هذه الأشياء في يوم ، فحذف في فانتصب ، وقرأ الآخرون بالرفع على أنه خبر ( هذا ) أي : ينفع الصادقين في الدنيا صدقهم في الآخرة ، ولو كذبوا ختم الله على أفواههم ونطقت به جوارحهم فافتضحوا ، وقيل : أرادوا بالصادقين النبيين .وقال الكلبي : ينفع المؤمنين إيمانهم ، قال قتادة : متكلمان لا يخطئان يوم القيامة عيسى عليه السلام ، وهو ما قص الله عز وجل ، وعدو الله إبليس ، وهو قوله : " وقال الشيطان لما قضي الأمر " ، الآية ، فصدق عدو الله يومئذ ، وكان قبل ذلك كاذبا فلم ينفعه صدقه ، وأما عيسى عليه السلام فكان صادقا في الدنيا والآخرة ، فنفعه صدقه .وقال عطاء : هذا يوم من أيام الدنيا لأن الدار الآخرة دار جزاء لا دار عمل ، ثم بين ثوابهم فقال : ( لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ) ثم عظم نفسه فقال :
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الآلوسى: قالَ اللَّهُ كلام مستأنف ختم به- سبحانه- حكاية ما حكى مما يقع يوم يجمع الله الرسل. وأشير إلى نتيجته ومآله. والمراد بقول الله- تعالى- عقيب جواب عيسى الإشارة إلى صدقه ضمن بيان حال الصادقين الذين هو في زمرتهم .والمراد باليوم في قوله هذا يَوْمُ يوم القيامة الذي تجازى فيه كل نفس بما كسبت وقد قرأ الجمهور برفع يَوْمُ من غير تنوين على أنه خبر لاسم الإشارة أى: قال الله- تعالى-: إن هذا اليوم هو اليوم الذي ينتفع الصادقون فيه بصدقهم في إيمانهم وأعمالهم، لأنه يوم الجزاء والعطاء على ما قدموا من خيرات في دنياهم.أى أن صدقهم في الدنيا ينفعهم يوم القيامة، بخلاف صدق الكفار يوم القيامة فإنه لا ينفعهم، لأنهم لم يكونوا مؤمنين في دنياهم.وقرأ نافع (يوم) بالنصب من غير تنوين على أنه ظرف لقال. أى: قال الله- تعالى- هذا القول لعيسى يوم ينفع الصادقين صدقهم.وقوله: لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً جملة مستأنفه لبيان مظاهر النفع الذي ظفر به الصادقون في هذا اليوم.أى: أن هؤلاء الصادقين في دنياهم قد نالوا في آخرتهم جنات تجرى من تحت أشجارها وسررها الأنهار خالِدِينَ فِيها أَبَداً أى: مقيمين فيها إقامة دائمة لا يعتريها انقطاع وقوله:رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أى: رضى الله عنهم فأعطاهم بسبب إيمانهم الصادق وعملهم الصالح عطاء هو نهاية الآمال والأمانى. ورضوا عنه بسبب هذا العطاء الجزيل الذي لا تحيط العبارة بوصفه.واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يعود إلى ما انتفع به الصادقون من جنات تجرى من تحتها الأنهار. ومن رضا الله عنهم. أى: إلى النعيم الجثمانى المتمثل في الجنات وما يتبعها من عيشة هنيئة، وإلى النعيم الروحاني المتمثل في رضا الله عنهم.قال الفخر الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما أخبر أن صدق الصادقين في الدنيا ينفعهم في القيامة شرح كيفية ذلك النفع وهو الثواب. وحقيقة الثواب: أنها منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم، فقوله: لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إشارة إلى المنفعة الخالصة عن الغموم والهموم، وقوله خالِدِينَ فِيها أَبَداً إشارة إلى الدوام. واعتبر هذه الدقيقة: فإنه أينما ذكر الثواب قال خالِدِينَ فِيها أَبَداً وأينما ذكر العقاب للفساق من أهل الإيمان، ذكر لفظ الخلود ولم يذكر معه التأييد، وأما قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ فتحته أسرار عجيبة لا تسمح الأقلام بمثلها جعلنا الله من أهلها» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى مجيبا لعبده ورسوله عيسى ابن مريم فيما أنهاه إليه من التبري من النصارى الملحدين ، الكاذبين على الله وعلى رسوله ، ومن رد المشيئة فيهم إلى ربه ، عز وجل ، فعند ذلك يقول تعالى : ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم )قال الضحاك ، عن ابن عباس يقول : يوم ينفع الموحدين توحيدهم .( لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ) أي : ماكثين فيها لا يحولون ولا يزولون ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، كما قال تعالى : ( ورضوان من الله أكبر ) [ التوبة : 72 ] .وسيأتي ما يتعلق بتلك الآية من الحديث .وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا فقال : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا المحاربي ، عن ليث ، عن عثمان - يعني ابن عمير أبو اليقظان - عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثم يتجلى لهم الرب تعالى فيقول : سلوني سلوني أعطكم " . قال : " فيسألونه الرضا ، فيقول : رضاي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني أعطكم . فيسألونه الرضا " ، قال : " فيشهدهم أنه قد رضي عنهم " .وقوله : ( ذلك الفوز العظيم ) أي : هذا هو الفوز الكبير الذي لا أعظم منه ، كما قال تعالى : ( لمثل هذا فليعمل العاملون ) [ الصافات : 61 ] ، وكما قال : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) [ المطففين : 26 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيمقوله تعالى : قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم أي : صدقهم في الدنيا فأما في الآخرة فلا ينفع فيها الصدق ، وصدقهم في الدنيا يحتمل أن يكون صدقهم في العمل لله ، ويحتمل أن يكون تركهم الكذب عليه وعلى رسله ، وإنما ينفعهم الصدق في ذلك اليوم وإن كان نافعا في كل الأيام لوقوع الجزاء فيه ، وقيل : المراد صدقهم في الآخرة وذلك في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ ، وفيما شهدوا به على أنفسهم من أعمالهم ، ويكون وجه النفع فيه أن يكفوا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة ، فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم ، والله أعلم . وقرأ نافع وابن محيصن " يوم " بالنصب . ورفع الباقون وهي القراءة البينة على الابتداء والخبر ، فيوم ينفع خبر ل ( هذا ) والجملة في موضع نصب بالقول ، وأما قراءة نافع وابن محيصن فحكى إبراهيم بن حميد عن محمد بن يزيد أن هذه القراءة لا تجوز ، لأنه نصب خبر الابتداء ، ولا يجوز فيه البناء ، وقال إبراهيم بن السري : هي جائزة بمعنى قال الله هذا لعيسى ابن مريم يوم ينفع الصادقين صدقهم ف يوم ظرف للقول ، وهذا مفعول القول والتقدير ; قال الله هذا القول في يوم ينفع الصادقين ، وقيل : التقدير قال الله عز وجل هذه الأشياء تنفع يوم القيامة ، وقال الكسائي والفراء : بني يوم هاهنا على النصب ; لأنه مضاف إلى غير اسم ; كما تقول : مضى يومئذ ; وأنشد الكسائي :على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت ألما أصح والشيب وازعالزجاج : ولا يجيز البصريون ما قالاه إذا أضفت الظرف إلى فعل مضارع ، فإن كان إلى ماض كان جيدا كما مر في البيت وإنما جاز أن يضاف الفعل إلى ظروف الزمان ; لأن الفعل بمعنى المصدر ، وقيل : يجوز أن يكون منصوبا ظرفا ويكون خبر الابتداء الذي هو هذا لأنه مشار به إلى حدث ، وظروف الزمان تكون إخبارا عن الأحداث ، تقول : القتال اليوم ، والخروج الساعة ، والجملة في موضع نصب بالقول ، وقيل : يجوز أن يكون هذا في موضع رفع بالابتداء ويوم خبر الابتداء والعامل فيه محذوف ، والتقدير : قال الله هذا الذي قصصناه يقع يوم ينفع الصادقين صدقهم ، وفيه قراءة ثالثة " يوم ينفع " بالتنوين الصادقين صدقهم في الكلام حذف تقديره " فيه " مثل قوله : واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا وهي قراءة الأعمش .قوله تعالى : لهم جنات ابتداء وخبر . تجري في موضع الصفة . من تحتها أي : من تحت غرفها وأشجارها وقد تقدم . ثم بين تعالى ثوابهم ، وأنه راض عنهم رضا لا يغضب بعده أبدا ورضوا عنه أي : عن الجزاء الذي أثابهم به . ذلك الفوز أي الظفر العظيم أي الذي عظم خيره وكثر ، وارتفعت منزلة صاحبه وشرف .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًاقال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة قوله: " هذا يوم ينفع الصادقين ". فقرأ ذلك بعض أهل الحجاز والمدينة: (هَذَا يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ)، بنصب " يوم ".* * *وقرأه بعض أهل الحجاز وبعض أهل المدينة، وعامة قرأة أهل العراق: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ ، برفع " يوم ". فمن رفعه رفعه ب " هذا ", وجعل " يوم " اسمًا, وإن كانت إضافته غير محضة, لأنه قد صار كالمنعوت. (27) وكان بعض أهل العربية يزعم أن العرب يعملون في إعراب الأوقات مثل " اليوم " و " الليلة "، عملهم فيما بعدها. إن كان ما بعدها رفعًا رفعوها, كقولهم: " هذا يومُ يركب الأمير ", و " ليلةُ يصدر الحاج ", و " يومُ أخوك منطلق ". وإن كان ما بعدها نصبًا نصبوها, وذلك كقولهم: " هذا يومَ خرج الجيش، وسار الناس ", و " ليلةَ قتل زيد "، ونحو ذلك, وإن كان معناها في الحالين " إذ " و " إذا ".* * *وكأن من قرأ هذا هكذا رفعًا، وجَّه الكلام إلى أنه من قيل الله يوم القيامة.* * *وكذلك كان السدي يقول في ذلك.13039 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط, عن السدي قال الله: " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " ، هذا فصل من كلام عيسى, وهذا يوم القيامة.* * *يعني السدي بقوله: " هذا فصل من كلام عيسى " : أن قوله: سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إلى قوله: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، من خبر الله عز وجل عن عيسى أنه قاله في الدنيا بعد أن رفعه إليه, وأن ما بعد ذلك من كلام الله لعباده يوم القيامة.* * *وأما النصب في ذلك, فإنه يتوجه من وجهين:أحدهما: أن إضافة " يوم " ما لم تكن إلى اسم، تجعله نصبًا, لأن الإضافة غير محضة, وإنما تكون الإضافة محضة، إذا أضيف إلى اسم صحيح. ونظير " اليوم " في ذلك: " الحين " و " الزمان "، وما أشبههما من الأزمنة, كما قال النابغة:عَلَى حِيْنَ عَاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَاوَقُلْتُ ألَمَّا تَصْحُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ (28)والوجه الآخر: أن يكون مرادًا بالكلام: هذا الأمر وهذا الشأن, يومَ ينفع الصادقين = فيكون " اليوم " حينئذ منصوبًا على الوقت والصفة, بمعنى: هذا الأمر في يوم ينفع الصادقين صدقهم.* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب: ( هَذَا يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ) ، بنصب " اليوم "، على أنه منصوب على الوقت والصفة. لأن معنى الكلام: إنّ الله جل وتعالى ذكره أجاب عيسى حين قال: سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ، إلى قوله: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، فقال له عز وجل: هذا القولُ النافعُ = أو هذا الصدق النافع = يوم ينفع الصادقين صدقهم. ف " اليوم " وقت القول والصدق النافع.* * *فإن قال قائل: فما موضع " هذا "؟قيل: رفع.فإن قال: فأين رَافعه؟قيل: مضمر. وكأنه قال: قال الله عز وجل: هذا, هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم, كما قال الشاعر: (29)أَمَا تَرَى السَّحَابَ كَيْفَ يَجْرِي ?هذا, وَلا خَيْلُكَ يَا ابْن بِشْرِيريد: هذا هذا, ولا خيلك.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام، إذ كان الأمر على ما وصفنا لما بينا: قال الله لعيسى: هذا القول النافع في يوم ينفع الصادقين في الدنيا صدقهم ذلك، في الآخرة عند الله = لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ، يقول: للصادقين في الدنيا، جنات تجري من تحتها الأنهار في الآخرة، ثوابًا لهم من الله عز وجل على ما كان من صدقهم الذي صدقوا الله فيما وعدوه, فوفوا به لله, فوفى الله عز وجل لهم ما وعدهم من ثوابه = خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ، يقول: باقين في الجنات التي أعطاهموها =" أبدًا "، دائمًا، لهم فيها نعيم لا ينتقل عنهم ولا يزول. (30)* * *وقد بينا فيما مضى أن معنى " الخلود "، الدوام والبقاء. (31)* * *القول في تأويل قوله : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: رَضي الله عن هؤلاء الصادقين الذين صدقوا في الوفاء له بما وعدوه، من العمل بطاعته واجتناب معاصيه =" ورضوا عنه " ، يقول: ورضوا هم عن الله تعالى ذكره في وفائه لهم بما وعدهم على طاعتهم إياه فيما أمرهم ونهاهم، من جزيل ثوابه (32) =" ذلك الفوز العظيم "، يقول: هذا الذي أعطاهم الله من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار, خالدين فيها, مرضيًّا عنهم وراضين عن ربهم, هو الظفر العظيم بالطَّلِبة، (33) وإدراك الحاجة التي كانوا يطلبونها في الدنيا, ولها كانوا يعملون فيها, فنالوا ما طلبوا، وأدركوا ما أمَّلوا.---------------------الهوامش :(27) في المطبوعة: "لأنه صار" ، أسقط"قد".(28) ديوانه: 38 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 327 ، وسيبويه 1: 369 ، والخزانة 3: 151 والعيني (هامش الخزانة) 3 : 406/ 4 : 357 ، وسيأتي في هذا التفسير 19: 88/ ثم 30 : 57 ، (بولاق) ، ورواية أبي جعفر هنا"ألما تصح" كرواية الفراء ، وفي سائر المراجع"ألما أصح". وهما روايتان صحيحتا المعنى.وهذا البيت من قصيدته التي قالها معتذرا إلى النعمان بن المنذر ، متنصلا مما قذفه به مرة بن ربيعة عند النعمان ، يقول قبله:فَكَفْكَفْتُ مِنِّي عَبْرَةً فَرَدَدْتُهَاعلى النَّحْرِ، مِنْها مُسْتَهِلٌّ ودامِعٌيقول: عاقبت نفسي على تشوقها إلى ما فات من صباي ، فقد شبت وشابت لداتي ، وقلت لنفسي: ألم تفق بعد من سكرة الصبا ، وعهد الناس بالمشيب أنه يكف من غلواء الشباب!(29) لم أعرف هذا الراجز(30) انظر تفسير"أبدًا" فيما سلف 9: 227/10: 185.(31) انظر فهارس اللغة فيما سلف (خلد).(32) انظر تفسير"الرضا" فيما سلف 6 : 262/9 : 480/10 : 144.(33) انظر تفسير"الفوز". فيما سلف 7: 452 ، 472/8 : 71 .
﴿ قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ﴾