ثم ننجِّي رسلنا والذين آمنوا معهم، وكما نجينا أولئك ننجِّيك -أيها الرسول- ومن آمن بك تفضلا منَّا ورحمة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ثم نُنجّي» المضارع لحكاية الحال الماضي «رسلنا والذين آمنوا» من العذاب «كذلك» الإنجاء «حقا علينا نُنجي المؤمنين» النبي وأصحابه حين تعذيب المشركين.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ْ من مكاره الدنيا والآخرة، وشدائدهما. كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا ْ أوجبناه على أنفسنا نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ْ وهذا من دفعه عن المؤمنين، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا فإنه -بحسب ما مع العبد من الإيمان- تحصل له النجاة من المكاره.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ثم ننجي رسلنا ) قرأ يعقوب " ننجي " خفيف مختلف عنه ، ( والذين آمنوا ) معهم عند نزول العذاب معناه : نجينا ، مستقبل بمعنى الماضي ، ( كذلك ) كما نجيناهم ، ( حقا ) واجبا ، ( علينا ننج المؤمنين ) قرأ الكسائي وحفص ويعقوب " ننجي " بالتخفيف والآخرون بالتشديد ، ونجى وأنجى بمعنى واحد .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الكريمة ببيان سنة من سننه التي لا تتخلف ولا تتبدل فقال: ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا، كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ.والجملة الكريمة عطف على محذوف، والتقدير: تلك سنتنا في خلقنا نهلك الأمم المكذبة ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا الذين أرسلناهم لإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وننجي- أيضا- الذين آمنوا برسلنا وصدقوهم وقوله كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ الكاف في كَذلِكَ بمعنى: مثل، وهي صفة لمصدر محذوف، واسم الإشارة يعود على الإنجاء الذي تكفل الله به للرسل السابقين ولمن آمن بهم ولفظ حَقًّا منصوب بفعل مقدر أى: حق ذلك علينا حقا أى: مثل ذلك الإنجاء الذي تكفلنا به لرسلنا ولمن آمن بهم، ننج المؤمنين بك- أيها الرسول الكريم-، ونعذب المصرين على تكذيبك، وهذا وعد أخذناه على ذاتنا فضلا منا وكرما.سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا وبذلك ترى الآيات الكريمة قد حضت الضالين على الاقتداء بقوم يونس- عليه السلام- لكي ينجوا من العذاب، وذكرتهم بنفاذ إرادة الله وقدرته، ودعتهم إلى التفكر في ملكوت السموات والأرض، وأخبرتهم بأن سنة الله ماضية في إنجاء المؤمنين، وفي إهلاك المكذبين.وبعد هذا الحديث المتنوع الذي زخرت به سورة يونس- عليه السلام- عن وحدانية الله وقدرته، وعن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن النفس الإنسانية وأحوالها، وعن يوم القيامة وأهوالها ...بعد كل ذلك وجهت في ختامها نداءين إلى الناس أمرتهم فيهما بإخلاص العبادة لله- تعالى- وبالاعتماد عليه وحده، وبتزكية نفوسهم ...استمع إلى السورة الكريمة في ختامها وهي تقول:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
"كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين"أي : ونهلك المكذبين بالرسل ، ( كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) [ أي ] حقا : أوجبه تعالى على نفسه الكريمة : كقوله ( كتب على نفسه الرحمة ) [ الأنعام : 12 ] كما جاء في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله كتب كتابا فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي "
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنينقوله تعالى ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا أي من سنتنا إذا أنزلنا بقوم عذابا أخرجنا من بينهم الرسل والمؤمنين ، وثم معناه ثم اعلموا أنا ننجي رسلنا .كذلك حقا علينا أي واجبا علينا ; لأنه أخبر ولا خلف في خبره . وقرأ يعقوب . ثم ننجي مخففا . وقرأ الكسائي وحفص ويعقوب . ننجي المؤمنين مخففا ; وشدد الباقون ; وهما لغتان فصيحتان : أنجى ينجي إنجاء ، ونجى ينجي تنجية بمعنى واحد .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قل ، يا محمد ، لهؤلاء المشركين من قومك : انتظروا مثل أيام الذين خلوا من قبلكم من الأمم السالفة الذين هلكوا بعذاب الله، فإن ذلك إذا جاء لم يهلك به سواهم، ومن كان على مثل الذي هم عليه من تكذيبك، ثم ننجّي هناك رسولَنَا محمدًا صلى الله عليه وسلم ومن آمن به وصدّقه واتبعه على دينه، كما فعلنا قبل ذلك برُسلنا الذين أهلكنا أممهم ، فأنجيناهم ومن آمن به معهم من عذابنا حين حقّ على أممهم ، (كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) ، يقول: كما فعلنا بالماضين من رسلنا فأنجيناها والمؤمنين معها وأهلكنا أممها، كذلك نفعل بك ، يا محمد، وبالمؤمنين ، فننجيك وننجي المؤمنين بك ، حقًّا علينا غير شك.* * *
﴿ ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ﴾